-
من «لمّ الشمل» إلى "تصفير الأزمات"
كانت القاهرة شابة نضرة تتمخطر بدلالها كـ"فاتنة الدنيا، حسناء زمانها"، يأتيها العالم زائرين سائحين، وكانت كأخواتها من الدول العربية تنشد استقلالها وأهازيج الاستقلال تمخر في عباب الاستعمار تؤدّي رقصة الحرية، حتى انفجرت نيران العربية.
فحمل المحتل حقائبهُ ململماً فيها بما خف حملهُ وغلا سعرهُ، ويولد عالم جديد من رحم عالم قديم، يفرض عليه الوحدة وإلا الفناء والعودة للوراء، لتبدأ بأقدم مُنظمة إقليمية في العالم، أُنشئت بعد الحرب العالمية الثانية، كان أول طاولاتها قمة انطلقت من الإسكندرية "أنشاص" منذ 77 عاماً، كان أول انعقاد لمؤتمرها بعد 14 شهراً من تأسيس الجامعة العربية في مارس 1945 وأول اجتماع في 1946، بدعوة من ملك مصر فاروق الأول ودول سبع هي المؤسسة لها، (مصر والسعودية والأردن واليمن والعراق ولبنان وسوريا)، ورغم كل التحديات والأزمات إلا أن القمم الدورية للزعماء العرب ما تزال مقياساً واضحاً للقوة العربية المتحدة ضد أزمات عالمية كبرى وملفات شائكة ووضع إقليمي ودولي مشتعل بروح إيجابية في التعامل العربي مع أطراف أخرى، شريطة التعاون واحترام الجيرة والأسس التي تقوم عليها العلاقات السوية بين الدول.
لقد تاهت القضية العربية الأولى "القضية الفلسطينية"، وسط أعوام عشر من حروب وانقسامات كان آخرها ما يحدث في السودان وتدخلات الإخوان والتنظيمات الدولية ومليشيات الإرهاب فيها متسابقين ودول يعملون عنها بالوكالة لنهب خيراتها وذهب شعبها، كما نهبوا العراق وفجروا بيروت، ونهبوا ليبيا، وشتتوا العلم السوري، لتقف المنطقة العربية بوجه تحولات جمة (عربياً وإقليمياً ودولياً) وما بها من إيجابية وسلبية، تضع قمة جدة بموقعها الجيوسياسي والاقتصادي، والتي تمثل روحاً إيجابية وطيبة في العلاقات العربية - العربية، أمام مسؤوليات ومهمات كبرى وتطلعات وآمال باستعادة الفاعلية للعمل العربي المشترك، لا سيما بعد الاتفاق الصيني بمصالحة خليجية كاملة مع إيران عبر السعودية وتهدئة الصراعات، وعودة سوريا للحضن العربي وإنهاء عزلتها بعد غياب لأكثر من 11 عاماً، ومع تراجع الدور الأمريكي في المنطقة بما يشكل تحولاً مهماً في مسيرة العرب، فكان لها دورها الخاص في الخلاص المصري من الإخوان المسلمين؛ وها هُما قد عملا خلى الخلاص اليمني من جُعبة الحوثيين المدعومين من إيران عبر الاتفاق الصيني، ناهيك عن الموقف العربي الموحد في الزلازل التي ألمَّت بتركيا وسوريا.
لقد كان العالم العربي يفتك ببعضه البعض، حتى خرج من ذلك الصراع ألف دولة قسمت أصولها الماسونية الأوربية الأمريكية، والشيوعية والاشتراكية وما وُلد من منظمات تدعي الكمال، ولعل المنطقة الوحيدة التي كانت تقوم على أسس حقيقية، هي منطقة الخليج العربي التي لم يغب عنها عين منذ ظهور نفطها وجواهرها، فمثلاً السعودية والعراق. الأولى، كانت تبني ولديها مواردها من بترول وصحراء الربع الخالي برمالها، والثانية لديها رافدي نهري دجلة والفرات وثاني احتياط نفطي في العالم، وكان علي صالح السعدي يُعلنها في العراق «اسحقوهم حتى العظم». فبدأ العرب في تحضير كل منهم لكفن الآخر قبل الميلاد.
إنها قمة أملنا أن تتحرك من «لمّ الشمل» الجزائرية، إلى لَمِّ الشمل"، و"تصفير الأزمات" بالسعودية وقمة جدة العربية 32، يمكن من خلالها بلورة القوة العربية بعد الاستفادة من أخطاء السنوات الماضية، بعودة سوريا؛ بعد تجميد عضويتها نحو 12 عامًا؛ وحل أزمة السودان الشقيق، ومكافحة الإرهاب الذي زاد منذ 2018 مع زلازل «الربيع العربي» المزعوم بصبغات «إسلاموية» إخوانية، وسط تداعيات الأزمات العالمية المتتالية، وانعكاساتها الأمنية التي برزت منذ عام 2011، ليبرز للأفق واجبات الجامعة العربية، لتحقيق الهدف من ميثاقها، وبما يعود بالنفع والسلام على الشعوب المنضوية تحت شعارها، حتى لا نعود إلى نقطةِ اللاعودة في كل مرة.
ليفانت – إبراهيم جلال فضلون
قد تحب أيضا
كاريكاتير
قطر تغلق مكاتب حماس
- November 11, 2024
قطر تغلق مكاتب حماس
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!